صراعات القوى الكبرى في سوريا إلى أين يتجه التصعيد غرفة_الأخبار
صراعات القوى الكبرى في سوريا: إلى أين يتجه التصعيد؟
لطالما كانت سوريا ساحة لصراعات القوى الإقليمية والدولية، إلا أن الحرب الأهلية التي اندلعت عام 2011 فاقمت هذه الصراعات بشكل غير مسبوق، وحولتها إلى مواجهة متعددة الأطراف تنخر في جسد الدولة السورية وتعيق أي فرصة حقيقية للسلام والاستقرار. الفيديو المعنون صراعات القوى الكبرى في سوريا إلى أين يتجه التصعيد غرفة_الأخبار (https://www.youtube.com/watch?v=tVv1MkZoS9I) يمثل محاولة لفهم ديناميكيات هذه الصراعات وتوقع مساراتها المستقبلية في ظل التعقيدات الجيوسياسية المتزايدة.
لا يمكن فهم الوضع في سوريا بمعزل عن التدخلات الخارجية. فمنذ اللحظات الأولى للانتفاضة الشعبية، انخرطت قوى إقليمية ودولية في دعم أطراف مختلفة، كلٌّ وفقًا لمصالحه وأجندته. يمكن تلخيص أبرز هذه القوى المتصارعة وتأثيرها على النحو التالي:
أولًا: روسيا
تعتبر روسيا الداعم الأكبر لنظام بشار الأسد، وقد تدخلت عسكريًا بشكل مباشر عام 2015 لإنقاذ النظام من الانهيار. ترى روسيا في سوريا حليفًا استراتيجيًا مهمًا في منطقة الشرق الأوسط، وموقعًا حيويًا لقاعدتها البحرية في طرطوس. كما تسعى روسيا من خلال دعمها للأسد إلى الحفاظ على نفوذها في المنطقة والتصدي للنفوذ الغربي، خاصة الأمريكي.
لقد تمكنت روسيا بفضل تدخلها العسكري من تغيير موازين القوى على الأرض، واستعادة السيطرة على معظم المناطق التي كانت خاضعة للمعارضة. ومع ذلك، فإن روسيا تواجه تحديات كبيرة في سوريا، منها استمرار وجود جماعات مسلحة معارضة، وتدهور الوضع الاقتصادي، والضغط الدولي المتزايد بسبب دعمها للنظام.
تسعى روسيا إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية يحافظ على مصالحها ويضمن استقرار النظام، لكنها ترفض أي حل يؤدي إلى تغيير النظام أو تقويض نفوذها في المنطقة. من الواضح أن روسيا ستواصل لعب دور محوري في سوريا في المستقبل المنظور، وستسعى إلى تعزيز نفوذها الاقتصادي والعسكري والسياسي في البلاد.
ثانيًا: الولايات المتحدة الأمريكية
تتبنى الولايات المتحدة الأمريكية موقفًا معارضًا لنظام بشار الأسد، وتدعمه سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا للمعارضة السورية المعتدلة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد). تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية نظام الأسد مسؤولًا عن ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان، وتدعو إلى رحيله من السلطة.
تتركز أهداف الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا على محاربة تنظيم داعش، ومنع إيران من التوسع في المنطقة، وحماية حلفائها الأكراد. تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية قواعد عسكرية في شمال شرق سوريا، وتدعم قوات سوريا الديمقراطية في السيطرة على هذه المنطقة. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة الأمريكية لا ترغب في الانخراط بشكل مباشر في الحرب الأهلية السورية، وتسعى إلى تحقيق أهدافها من خلال دعم حلفائها المحليين.
تبقى الاستراتيجية الأمريكية في سوريا غير واضحة المعالم، وتتأثر بالتغيرات في الإدارة الأمريكية والأولويات الخارجية. في ظل تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، من المرجح أن تستمر الولايات المتحدة الأمريكية في دعم حلفائها في سوريا، ومحاولة الحد من نفوذ روسيا وإيران في المنطقة.
ثالثًا: تركيا
تعتبر تركيا من أبرز الدول الإقليمية المتدخلة في الشأن السوري، وتدعم جماعات مسلحة معارضة للنظام. ترى تركيا في سوريا تهديدًا لأمنها القومي، بسبب وجود الجماعات الكردية المسلحة على حدودها الجنوبية. كما تسعى تركيا إلى حماية مصالحها الاقتصادية في سوريا، ومنع قيام دولة كردية مستقلة على حدودها.
نفذت تركيا عدة عمليات عسكرية في شمال سوريا، بهدف طرد الجماعات الكردية المسلحة من المنطقة، وإنشاء منطقة آمنة للاجئين السوريين. تسيطر تركيا على مساحات واسعة من الأراضي في شمال سوريا، وتدعم حكومات محلية موالية لها.
تعتبر العلاقات بين تركيا وروسيا معقدة ومتناقضة. ففي حين تتعاون الدولتان في بعض الملفات، إلا أنهما تتنافسان في ملفات أخرى. من المرجح أن تستمر تركيا في لعب دور مهم في سوريا في المستقبل المنظور، وستسعى إلى تعزيز نفوذها في المنطقة، وحماية مصالحها الأمنية والاقتصادية.
رابعًا: إيران
تعتبر إيران من أبرز الداعمين لنظام بشار الأسد، وتقدم له الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي. ترى إيران في سوريا حليفًا استراتيجيًا مهمًا في منطقة الشرق الأوسط، وممرًا حيويًا لنقل الأسلحة والمقاتلين إلى حزب الله في لبنان. كما تسعى إيران من خلال دعمها للأسد إلى توسيع نفوذها في المنطقة، ومواجهة النفوذ الأمريكي والإسرائيلي.
أرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا، من بينهم مقاتلون من حزب الله وميليشيات شيعية أخرى. لعب المقاتلون الإيرانيون دورًا حاسمًا في دعم النظام السوري، واستعادة السيطرة على العديد من المناطق التي كانت خاضعة للمعارضة.
تعتبر إيران من أبرز المستفيدين من الحرب الأهلية السورية، حيث تمكنت من توسيع نفوذها في المنطقة، وتعزيز علاقاتها مع النظام السوري وحزب الله. من المرجح أن تستمر إيران في لعب دور مهم في سوريا في المستقبل المنظور، وستسعى إلى تعزيز نفوذها الاقتصادي والثقافي والسياسي في البلاد.
خامسًا: إسرائيل
تراقب إسرائيل الوضع في سوريا عن كثب، وتعتبر وجود إيران وحزب الله في سوريا تهديدًا لأمنها القومي. نفذت إسرائيل مئات الغارات الجوية على أهداف في سوريا، استهدفت مواقع إيرانية ومخازن أسلحة تابعة لحزب الله.
تعتبر إسرائيل مرتفعات الجولان السورية المحتلة جزءًا من أراضيها، وترفض الانسحاب منها. كما تدعم إسرائيل الجماعات المسلحة المعارضة للنظام السوري في جنوب سوريا.
من المرجح أن تستمر إسرائيل في مراقبة الوضع في سوريا عن كثب، وستتخذ الإجراءات اللازمة لحماية أمنها القومي. قد تزيد إسرائيل من غاراتها الجوية على أهداف في سوريا، إذا شعرت بوجود تهديد متزايد من إيران وحزب الله.
إلى أين يتجه التصعيد؟
إن الوضع في سوريا معقد ومتغير، ومن الصعب التنبؤ بمساره المستقبلي. ومع ذلك، يمكن القول إن التصعيد في سوريا قد يتخذ أشكالًا مختلفة، منها:
- تصعيد عسكري مباشر بين القوى المتصارعة، خاصة بين روسيا وتركيا أو بين إيران وإسرائيل.
- تصعيد بالوكالة، من خلال دعم القوى المتصارعة لأطراف مختلفة في الحرب الأهلية.
- تصعيد اقتصادي، من خلال فرض عقوبات على النظام السوري وحلفائه.
- تصعيد سياسي، من خلال الضغط على النظام السوري لتقديم تنازلات في المفاوضات السياسية.
إن أي تصعيد في سوريا قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، وزيادة عدد اللاجئين والنازحين، وتهديد الأمن والاستقرار الإقليميين. لذلك، من الضروري أن تعمل جميع الأطراف المعنية على خفض التصعيد، وإيجاد حل سياسي للأزمة السورية يحافظ على وحدة البلاد وسيادتها، ويضمن حقوق جميع السوريين.
يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن القوى الكبرى من التوصل إلى تفاهمات بشأن سوريا، أم أن الصراع سيستمر في استنزاف البلاد والمنطقة؟ الجواب على هذا السؤال سيحدد مصير سوريا ومستقبلها.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة